مع إلحاح قضايا البيئة وتغير المناخ على العالم، واقتراب اجتماع قادة العالم في الإمارات للحوار بشأن تغير المناخ، في قمة كوب 28، لبحث خفض انبعاثات الغازات الدفيئة، والتأقلم مع الظواهر المناخية المتطرفة، باتت مناقشة مساعدة الدول النامية في التمويل أمرًا أساسيًّا، لتحسين قدرتها على التخفيف والتكيف مع الأحداث المناخية التي أضحت جزءًا من ظواهر الكوكب المتكررة.

وبينما تعد أفريقيا أكثر القارات تأثرًا بتداعيات تغير المناخ، وتزايد احتمالية تعرضها لكوارث مناخية كبيرة، وفي ظل القدرة المحدودة على التكيف مع الظواهر المناخية، والتهديد المرتبط بالتغير المناخي لاستمرار النمو الاقتصادي في دول القارة، تتنامى أهمية دعم المجتمع الدولي ووقوفه بجانب أفريقيا ومساعدتها في المكافحة المناخية.

وتتطلع الدول الأفريقية إلى قمة «كوب 28» لإحراز تقدم ملموس في مواجهة التحديات المناخية، ورفع سقف الطموحات تجاه تحويل تحديات المناخ إلى فرص تنموية مستدامة، وفي نوفمبر وديسمبر 2023، أمام القارة الأفريقية الفرصة لتعزيز الجهود المناخية، إذ يُرجَّح أن يؤدي «كوب 28» دورًا مهمًّا في دعم أفريقيا في سبيل مكافحة تغير المناخ، من خلال آلية جديدة للتمويل، وتفعيل وتشغيل صندوق «المخاطر والأضرار»، لمساعدة الدول الأفريقية على التكيف، وتعزيز التعاون في مجال التكنولوجيا المناخية، ودعم جهود الدول الأفريقية في بناء قدرات رصينة لمكافحة تغير المناخ.

وبالفعل استجابت دولة الإمارات للتحديات البيئية الكبيرة التي تواجه أفريقيا، حيث تعهدت بتقديم 4.5 مليار دولار لدعم مشروعات الطاقة النظيفة في أفريقيا، مع تحفيز أطراف أخرى لتقديم نحو 12.5 مليار دولار إضافية، ومن شأن هذا التمويل أن يمكّن دول القارة من تعزيز قدرات الطاقة النظيفة، وتوفير الطاقة لشعوب القارة، ودفع النمو الاقتصادي والاجتماعي المستدام إلى الأمام.

ولن يتوقف الدعم الإماراتي لأفريقيا عند تمويل مشروعات الطاقة النظيفة، بل ستعمل الدولة خلال «كوب 28» على حشد الدعم الدولي للقارة الأفريقية، لتقديم المشاركين في المؤتمر مليارات الدولارات لمساعدة الدول الأفريقية على تأمين احتياجاتها الغذائية وتحقيق النمو الأخضر ومواجهة التغير المناخي.

ومع سعي دولة الإمارات لأن تصبح قمة المناخ نقطة تحول عالمية على صعيد المكافحة المناخية، بإطلاق مبادرات فعالة للتكيف مع التداعيات المناخية، وتوفير التمويل اللازم للتكيف مع آثار التغير المناخي، فإنها لا تنسى القارة السمراء، فبالتوازي مع التمويل السخي المشار إليه سالفًا، هناك مبادرات إماراتية متعددة للاستثمار في مشروعات الطاقة النظيفة والمتجددة، لتحسين جودة الحياة في كلٍّ من: مصر، وتوغو، وجزر الرأس الأخضر، وسيشل، ومالي، والسنغال، وسيراليون، وجزر القمر، وموريتانيا.

والمؤكد أن دول قارة أفريقيا تحظى بأهمية كبيرة لدى دولة الإمارات لاعتبارات جيواستراتيجية متعددة، منها القرب الجغرافي، والعلاقات التاريخية الممتدة، وما يملكه الجانبان من إمكانيات اقتصادية واستثمارية هائلة، وخاصة أن الإمارات هي الدولة الأولى عربيًّا في حجم الاستثمارات بالقارة الأفريقية، وهي أكبر نقطة عبور لتجارة بلدان أفريقيا، ولذا يمكن استثمار هذه العلاقات في توسيع الشراكة على مستويات متعددة، وأهمها الاستثمار في مكافحة التغير المناخي.

باحثة- رئيس قسم النشر- مركز تريندز للبحوث والاستشارات